الأربعاء، ٣٠ سبتمبر ٢٠٠٩

ذكرى وفاة الشاعر : عبد الوهاب البياتي 5\8\1999

المرثية الأولى ..(شعر ..ناصر الكلباني)

ذكرى وفاة الشاعر : عبد الوهاب البياتي 5\8\1999


رثيت الشعر إذ واريت حلمي
فبقى يرثي الإبادة..
رثيت الشعر في عينيك جمرا
فرمى فيك الأماني..
بحنو وسعادة..
.. .. .. .. ..
قد شغلت بنظم شعر لكن شعرك
كان همي..
فيه خوف وارتعاشه
فيه عبق لا يضاهى
فيه حب كالفراشة..
إنه شعر عظيم .. بيد أن الشعر عابق
متحدي للقديم.. في جفون الفجر شارق
إنه شعر حديث .. نبضه يحوي الحداثة
في العراق لكم حديث ..وحصار وإغاثة


كيف أرثي شاعرا مات والشعر بقى؟
فيه روح من كياني و صفاء وتقى
كيف أرثي شاعرا عنده وقف الخلود
بشراع الشعر سافر عبر أنفاق الجدود..
شعره دمع وونة …. وصراخ وأجنة..
شعره إيماء طفل … . بالحصار يميت جفنه..
حاصروا الشعب وشاعر شعره فك الحصار
ومزون الشعر باتت في نزيف وانهمار..
شعره أنات شعب .. وكذا تسبيح جدول ..
وقنوت في جفاف الحبر ..
أو ميلاد معول..
(وشحذت سكيني وسرت بركبهم..)
(ومذابح التاريخ تملأ يقضتي)
هل غادر الشعراء من هيامهم
في منة الوهاب في بشريتي..
وشحذت سكيني وسرت أمامهم..
لاأقتفي إلا حكايات مضت

فلقيت شاعرنا
وقد كتب الألم..
شعرا نزيها مستباحا
مدلهم..
ونسيت أوراقي بعاصفة المدى
ووأدت ميلاد الدموع..
.. ….. .. …… ..
هذه أجسادنا ..
تتشبع بحضارة الشرق العريقة
هذه آمالنا
باتت على أعتاب مقبرة العيون المستفبقة..
كلنا والرب واحد
كلنا والدين واحد
كلنا والشرق واحد
غير أن الحزن فينا و
وفلولنا ظلت طليقة..
إيه أي من غاب عنا..

إنه الشرق ينادي..
في عتمة الوادي السحيق
أنت ميت قبل موتك
أنت حي بعد موتك
هذا قولك
فإلى الشرق انتمينا
فيه قد ذابت يدينا
إننا أبدا نموت ..إننا أبدا نموت
والشعر باق لا يزال الشعر لا لن يموت..

بغداد

تناثر اسمها بصدري ورفّت بالوجع بغداد
تناثر ..والمدى صوتٍ دفينٍ أجهل أسبابه

تلظى نبعها الدامي وباتت تبكي الامجاد
تلاشى الصوت متكدر..وماتت شمعة أحبابه

سحابٍ ينزف الدمعه حزينٍ والمطر يزداد
وتذبل زهرة التاريخ تحكي قصة كتابه

تكلّم همٍّ بقلبي وبقايا ذا العنا بامداد
يصيح الليل باواجاعه جريحٍ يبكي ترابه

تذكرتك سمعت الصوت يدوي بالوطن بغداد
ولمحت نخيلك وكنّي ..أشوف الشط وأبوابه

وصورة حلمها المفزوع تثوّر نشوة الانشاد
وشي من ريحة كتابٍ حزينٍ يبكي غيابه

ذكرتك بأرضي وبعضي يدوّر بالنهاية بلاد
يذوب الهمّ وتتكسر حروف الليل وتتشابه

تجمّع رسمك بحلمي وباتت ترتعش بغداد
تجمّع..والمدى صوتٍ رقيقٍ أعرف اسبابه

1998

عالم بلا أبواب

وهمهم يسقيني بكأسه المتأججة حقدا
تناول فأسه وبدأ يحفر في ذاكرتي
وتتطاير نتوءات قد علقت .. من ذلك التاريخ الاسود .. فاشعل ناره
ثم جلس ينظر الي ، وهو يتناول كأسه ويبسق على تلك النتوءات
انها سخرية بلا افواه ..يضحك ألما .. وسخرية.. وهو ينظر الى ذلك الافق الممتد ..
يبكي ، يطأطئ راسه ودموعه تسكب في كأسه .. انه اختلاط مميت ..
يبدأ يتكلم :- مسكين انت يا بني .. لقد كذبوا عليك ..!!!؟؟
- انها أدلجة صارخة .. عذاب حتى الموت
- لقد صدقتهم قبلك .. لكنني عرفت بعدها .. أنها كذبة كونية
يتكلم وهو يحترق من داخله .. ولم ينتبه للناس وقد دهشوا مما سمعو ا.. وهم يهزون روؤسهم ويرددون
- لا حول ولا قوة إلا بالله ..
يصرخ عليهم :
- مساكين أنتم ، ستموتون بلهفتكم ..
- أعطوني بصيص نور
- يالكم من جبناء ..إمّعة انتم
وبصق أمامهم بكل حقارة .. واستهتار ، لم يبال بهم .. مرق بينهم وكأنه السراب .. وعيونهم تتبعه حتى اختفى عن الانظار ..
جلست بهمي وحسرتي ، أفكر فيما قاله .. أحفر في ذاكرة التاريخ علّي أجد قبصا من الحقيقة التي يحملها في داخله .. أختلطت الروائح والاتجاهات علّي .. همست .. في كفي اليمنى وأنا أنظر اليها :
- هل هذا الشيخ على حق
- ياالهي .. ماذا أفعل
صرخة مدوية أنطلقت من صدري .. أحسست بعدها بأن عروقي قد تقطعت .. داهمني الخوف .. مشيت وأنا متخفيا عن عيون البشر .. حتى لا يروا ما أحمله في رأسي من أفكار .. وحقائق .. هربت مهرولا عبر المنازل ، بساتين النخيل ،كان ليلتها القمر بدرا .. خرجت الى فضاء فسيح اصطدم بعدها نظري بتلك التلال الرملية أسرعت إليها .. ورأسي الى الارض .. خوف وحماقة .. ارتفعت على أحد تلك التلال وأنا واقف أرسم خريطة مستقبلي في تلك الليلة الملعونة أحسست بعدها بطعنات في رأسي صداع نصفي يلعقني جسلت ليلتها وأنا متحسرا على ما فات من عمري هدرا .. أمام سخافة عشتها .. ولكن الطريق في بدايته ماذا أفعل ، أسأل نفسي :
- هل تلك النتوءات هي السبب
- هل هذا الشيخ الكبير أنقذني .. من تلك الترهات العمياء
قفلت راجعا أحمل في رأسي نشيد الشيخ بمنطقيته الجبارة .. أتخذت قراري .. وبدأت أواصل طريق البحث عن الحقيقة الغائبة عن الجميع .. مرت السنوات .. وأنا أزرع في رأسي قناعاتي .. وأرسم أتجاهاتي على خطا متسارعة ..
بعدها وبسبب موقف حصل أمامي .. رجعت بذاكرتي الى حديث الشيخ .. وفهمت ما قاله .. بل وأقتنعت به .. إنها الحقيقة التي أبحث عنها صحت بدهشة وبانفعال غير طبيعي والناس تنظر إلي:
- انها هي
- صدق الشيخ ..
وأخذت بعضي .. مارقا أمام الناس وهم ينظرون.. إلي أين ؟؟ الى عالمٍ بلا أبواب ..عالم قد سبقني الشيخ الكبير إليه..

محنة دارفور: غياب المواطنة وتوحش الاستبداد

د / كمال مغيث
kmougheeth@yahoo.com
ملايين الضحايا، تزيد اعداد القتلى عن 300 الف قتيل، ومايزيد عن ثلاثة ملايين لاجئ، ومئات الالاف من حالات الاغتصاب وابشع انواع الانتهاكات،
يقول عنها تقرير اللجنة الدولية – كما ذكر كوفى عنان – " ان التقرير ليوضح بما لا يدع مجالا للشك ان السنتين الاخيرتين لم تكونا لاخوتنا فى الانسانية فى دارفور شيئا اقل من الجحيم على الارض، كما يصفها بانها اكبر مجزرة بشرية منذ الحرب العالمية الثانية "
ويذكر الباقر العفيف، فى بحث بعنوان: " ماوراء دارفور الهوية والنزاعات الاهلية فى السودان" تلك الشهادة الحية، اذ تذكر" خديجة" وهى تقف بجانب ركام قريتها المدمرة، وتصف المشهد الذى خلفه الجنجويد" وجدت جثة طفلى ذى الاربع سنوات ملقاة فحملتها وذهبت ابحث عن طفلى الاخرين فوجدتهما مقتولين داخل المدرسة، حيث كانا يختبئان، كان هناك عدد يصعب حصره من جثث الاطفال القتلى الملقاة امام المدرسة"
ومع ذلك فاننا هنا فى مصر لانعلم عن تلك المحنة الكثير،
كان هذا موضوع الندوة التى حضرتها هذا الاسبوع فى الخرطوم بدعوة من التحالف العربى من اجل دارفور، ومركز الخاتم عدلان للاستنارة، وعلى مدار ثلاثة ايام راحت ابعاد المأساة تتكشف امامنا، والتى يمكن هنا الاشارة الى بعضها، ومنها استمرار معاناة الملايين من سكان دارفور فى المخيمات وخارجها فى ظل ظروف لا تفى بضرورات العيش فضلا عن العيش الكريم، تلك المعانة التى ذادتها الحكومة بطردها ثلاث عشرة منظمة غربية كانت تعمل فى مجال تقديم الدعم فى مجالات الغذاء والعلاج والتاهيل النفسى والتربوى للمشردين وضحايا العنف، بحجة ان تلك المنظمات قد تجاوزت الدور المسموح لها، والكل يعرف ان هدف الحكومة من وراء إبعاد تلك المنظمات كان التغطية على الدور الحكومى المشبوه فى الازمة وقطع الطريق امام العالم الخارجى عن معرفة واقع الحال فى دارفور0
ولقد عهدت الحكومة الى الجمعيات الوطنية السودانية للقيام بدور الجمعيات الدولية المطرودة، ولكن اكد المتحدثون فى المؤتمر ان تلك الجمعيات – وتبلغ حوالى 45 جمعية - لاتملك خبرات وكفاءة المنظمات الدولية ممازاد الوضع تفاقما، ومثل هذا العدد من الجمعيات ليست جمعيات بالمعنى المعروف وانما هى مجرد اسم وشخص، بلا مكتب من الاساس" الجمعية الحقيبة"0
وبمناسبة الدور العالمى المساند للناس فى محنتهم القاسية، عبر العديد من المتحدثين عن خيبة املهم الشديدة فى رد الفعل العربى، سواء من قبل الحكومات العربية، او منظمات المجتمع المدنى العربى، فبينما اقامت الحكومات العربية والمنظمات الاهلية الدنيا ولم تقعدها، عندما حدث العدوان الاسرائيلي على غزة، فانهم جميعا لم يمنحوا محنة دارفور سوى الصمت المطبق والتجاهل التام الذى يصل الى حد التواطؤ
ويذكر بعض المتحدثين ان حقائق الوضع فى دارفور تغيب عن المواطنين السودانيين انفسهم بسبب رغبة الحكومة فى التعتيم على الوضع هناك من خلال رقابتها الصارمة على الصحف،
ولاشك ان المجال هنا يضيق عن تناول اسباب وتطورات المحنة، وهى محنة معقدة على كل المستويا تلعب فيها الصراعات العرقية والقوى الدولية والاهمال والاستغلال الحكومى دورا اساسيا، وانما هناك اتفاق بين المتحدثين على ان اقليم دارفور بتركيبته القبلية المعقدة قد عانى من الاهمال الحكومى منذ الاستقلال، فى نفس الوقت الذى دمرت فيه سلطة الدولة السلطات العرفية والتقليدية للقبائل والتى كانت تقوم بحل مشكلات الناس حلا عرفيا مقبولا من الجميع ، وعندما راحت مجموعات من شباب بعض القبائل تستعد للمطالبة بحقوقهم فى العدالة والتنمية والديمقراطية، فان حكومة البشير قد راحت تستغل الصراعات القبلية والعرقية وتقوم بتسليح قبيلة" الجنجويد" العربية لتتولى قمع وقتل المطالبن بالعدل من عشرات القبائل العربية والافريقية: زغاوة، مساليت، زرقة، فور،السلامات، الميدوب، البرتى، البقارة، الرزيقات، الزيادية، المعاليا، بنى هلبة، هبانية، محاميد، بنى فضل، العطيفات، الفلاتة،التعايشية، البرقد، القمر،.. وغيرهم كثير0
ان السبب الرئيسى والذى نسج تلك المحنة، هو استبداد الحكومة المركزية فى الخرطوم، وفسادها عبر عصورها المختلفة – الا ما ندر- منذ استقلال الدولة سنة 1956، وفضلا عن احتكار تلك السلطة للثروة، فإنها قد فشلت فى صياغة مشروع حداثى يعتمد مفهوم المواطنة والديمقراطية، وقد كان هذا هو المشروع الوحيد الاوحد الكفيل بان يضع ماتحتوية السودان من ثراء عرقي ولغوي وديني – حوالى 130 لغة، واكثر من 500 قبيلة وعشرات الاديان- فى اطار مشروع وطنى يجعل الانتماء للوطن هو الاصل والقاعدة ويجعل الانتماءات العرقية والدينية انتماءات ثانوية تزيد الحياة ثراءا وجمالا،
وبدلا من ذلك الحل الوحيد راح النميرى يسعى لتجديد استبدادة المقيت برفع شعار تطبيق الشريعة الاسلامية سنة 1983 وهو الامر الذى ادى الى تأجيج الصراع فى جنوبالسودان، كما ان ماترفعه حكومة الانقاذ الحالية من شعارات دينية تلقى على نار الصراع فى دارفور مزيدا من الزيت، وبعد عشرين شهرا سيكون لجنوب السودان موعد مع استفتاء يتقرر فيه اما الانفصال عن السودان او البقاء فى ظل حكومة فيدرالية0
غير ان التساؤل الاهم هنا : كيف تسعى الحكومات المستبدة فى سبيل احتكار السلطة والثورة،الى دفع ثمنا فادحا حتى ولو كان ذلك الثمن هو التضحية بالاوطان ذاتها، ورميها فى اتون صراعات دينية وعرقية تاتى على الاخضر واليابس ويكتوى بنارها الناس الذين يسعون للحياة فى امن وسلام

الجمعة، ٤ سبتمبر ٢٠٠٩

" الفساد الاقتصادي: أنواعه وأسبابه"


د.سعيد عيسى
جمعية تعزيز الشفافية اللبنانية

يتجسّد الفساد بعدة صور منها الأخلاقية و الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية و السياسية. وهو ينتشر بسبب ضعف القيم و تدنيها. و الفساد ظاهرة تَسِمُ العالم المعاصر في كلّ بلدان العالم قاطبة، تكثر أو تقلّ في بعض الدول ولكنّها موجودة بشكلٍ أو بآخر.
ولشدة انتشار هذه الظاهرة يفتي بعض الاقتصاديين بقولهم: "قليل من الفساد ضروريّ ولازم لإحداث أو تحقيق تنمية اقتصادية". ولكن هل يجوز علاج الفساد بالفساد على طريقة علاج التسمّم بالسمّ؟
والفساد في الّلغة معناه مخالفة المصلحة وهو نقيض الإصلاح. ويقال تفاسد القوم أي تدابروا وقطعوا الأرحام، والإدبار هو أن يدير الناس ظهورهم بعض لبعض، بمعنى أن تحل الفرقة والمنازعة بينهم ولا يعود أحدهم يهتمّ للآخر. والمفسدة خلاف المصلحة، والشيء الفاسد هو الذي انتفت منفعته المشروعة، وهو ضياع المصالح ومخالفة القوانين والتشريعات وهو الابتلاء وانتشار الفوضى وضياع حقوق المواطنين وهذه جريمة تعاقب عليها القوانين.
والفساد الاقتصاديّ هو حالة من ضياع الحقوق والمصالح الاقتصادية بسبب مخالفة القوانين والتشريعات التي تحكم وتضبط المعاملات الاقتصادية مما يترتّب عليه قلة المنفعة والاتجاه نحو التخلّف والفقر والفاقة والعوز وسيادة الظلم والابتزاز والسيطرة على الموارد والسلطة والقرار والتحكّم برقاب المواطنين وبقراراتهم.

أنواع الفساد الاقتصاديّ
1- السرقة
2- الاختلاس
3- المماطلة في أداء الحقّ لصاحبه
4- عدم إتقان العمل
5- الإهمال
6- التقصير
7- التعدّي على حقوق الآخرين
8- التربّح والتكسّب من الوظيفة
9- استغلال المال العام لأغراض شخصية
10- المحسوبية
11- الغشّ
12- التهرّب من حقوق المجتمع المشروعة (الضرائب، الجمارك...الخ)
وهذه الأنواع من الفساد تؤدي إلى خللٍ اقتصاديّ تتجلّى مظاهره الأساسية في:
1- اختلال توزيع الدخل القومي
2- تباين في توزيع الدخول بين فئات المجتمع
3- استئثار أصحاب الدخول غير المشروعة بالجزء الأكبر من الدخل الوطني وازديادهم ثراء
4- ازدياد وشيوع الفقر
5- التفاوت الاجتماعي
6- تأثير أصحاب الدخول غير المشروعة على اتخاذ القرارات الاقتصادية ما يحدث اختلالا في القرارات التي تتخذها الدولة فتصبح لفئة دون باقي الفئات
7- سوء توزيع الموارد الاقتصادية

ويترتب على ما سبق آثار اقتصادية سلبية أخطرها:
1- ارتفاع معدّل التضخّم
2- عجز دائم في ميزان المدفوعات
3- انخفاض أو تدهور قيمة العملة الوطنية
4- عجز دائم في ميزانية الدولة
5- ارتفاع معدّل البطالة
6- ازدياد معدّلات القروض بفوائد عالية لتغطية الإنفاق
7- تغيّر في نمط الاستهلاك
8- ظهور السوق السوداء والاقتصاد الخفيّ
9- تراجع الاستثمارات

أهمّ أسباب انتشار ظاهرة الفساد الاقتصادي:
1- ضعف القيم
2- فساد الأخلاق
3- السلوكيات السيئة
4- غياب حرية الرأي
5- ضعف أو شلل البنى الديمقراطية
6- التفكك المجتمعي
7- الطائفية
8- القبلية
9- العشائرية
10- سيطرة الحزب الواحد ومنع التعدّد
11- المحاباة للحكّم

السبت، ٢٥ يوليو ٢٠٠٩

محمد زايد الألمعي

محمد زايد الألمعي .. عندما التقيت به في القاهرة في اجتماعات سكرتارية التحالف العربي من أجل دارفور، لم أكن أعرف عنه إلا القليل عن طريق المنتديات الإلكترونية .. كانت جلساتنا رائعة وخاصة عندمايبدأ بقراءة أحد نصوصه الرائعة ، المعبرة عما في دواخله، تجربته الشعرية أخذت وقتها الطويل في التخمّر .. إنه شخص مناضل دائما ما كانت نصوصه تتحدث وبكل شفافية عما يجري دون خوف من أحد، لا يضمر إلا الخير وصدامه الدائم مع من يرفضون الحق وحرية التعبير جعله مدرك لما يدور من حوله .. إنه شاعر ومفكر له قيمته .. قصائده دائما ما كانت تبعثّ فيّ الأمل ، دائما ما كانت تخرجني من عباءة الضمور .. وهذه أحد نصوصه الرائعة بعنوان (أنتم ووحدي)..
الأرض نافذتي ، وآفاقي جدار
الأرض نافذتي سأوغل في الحوار
مع التراب
هذه المواسم فيَّ
تقتبس من شعاع اللحظة الأولى
وتبتكر الجسد
هذا احتراقي قاب أغنيتين أو أدنى
وهذه لحظتي الجذلى
تؤرج ما استدار
على شفاهي من كلام
هذا فمي ،شضّته قارعة السنين
تعاورته أصابع النسيان
هذا نهر أسئلتي
بعيداً عن براءة صورتي
في لوثة الزمن الردئ
فلمن تشق قصيدتي أحزانها
ولمن أحدث حين يشتعل السؤال
على استحالات الجواب
وجهي مدد يطوى
ووجه أبي وطفولتي احترقت
على أعتاب أغنيةٍ
وسيدة الطفولة وجهها يدنو
فيسلمني السراب ألى السراب
ها إنه وطني
وأعشقه فيقتلني ،فأعشقه ويقتلني
أقاسمه القصيدة والعذاب
وأمر من شفتيه مغضوبا عليّ
هذا أنا
حربان في جسدٍ
ونهرٌ بين صحرائين
جسدٌ ونهرٌ ،نجمتان تلاشتا في غابة الأشياء
فارتفع المساء
قلت نصف أغنية
وبرقٌ يابسٌ بفم السماء
وأنا هنا ، برقٌ من القدم استدار
ومدّ قوساً من لهب
آويتُ في جسدي الضياء
وزوجتني الريح بالكلمات
فانفرطت عناقيدُ الشهب
هذا أنا أنتم، فمن يمتدّ في ألقي
سيمسك بابتداء الأرض
حين تمدُّ أفواه النداء
وتستجير بلوثة الشعراء
ولي عليكم صيحة هدمت زنازين العبيد
ولي عليكم ما أريد ولا أريد
ولي عليكم أيها البسطاء
والمستفحلون بأحرفي ضمأ قديم
جاء من جدب النفوس
وموحشٌ كتوحد الأحزانِ في جسدي
،ومنسربٌ كقطعانٍ من المتسلقين على حدود بصيرتي
هذا أنا
والأرض نافذتي وآفاقي جدار
هذا أنا وحدي
بكم وحدي
ووحدي سوف اجترح الضياء
من الخراب