الخميس، ١٧ مارس ٢٠١١

عمان .. اليوم

إننا اليوم أمام تحدٍّ رسمه لنا الواقع ، وخرج من يتحاذق علينا أمام ظاهرة جديدة في عمان هي ظاهرة الاعتصامات والمظاهرات وكتب المدونون منهم من قال أنه آن الأوان لفك الاعتصامات ، ومنهم من كتب في المنتديات لمحاسبة وتعقب أولئك الأشخاص الذين تبنوا قضية الإصلاح ، ومنهم من طالب محاسبة كما أطلقوا عليهم ( الدستوريون ) أو ( أصحاب الدستور التعاقدي ) ، ولكن دعونا نتساءل وابتداءً من هذا اليوم الخميس الموافق 17 /3/ 2011ميلادي ، هل يمكن لنا أن نتفق على ما تم ..؟ وهل لنا أن ندرك آليات التنفيذ إذا بقى الشعب بعيدا عن القرارات وعدم مشاركته في اتخاذ القرار ..؟ وهل لنا أن نستوعب حجم الإخفاقات من خلال سحب المعتصمين المتكلمين بلسان حال الشعب ومحاولة تقييدهم ببعض الإشكالات المبهمة من خلال تعاطيهم مع مسألة الإصلاحات في زمن حرج ..؟ وهل لنا أن ندرك إمكانية التعاطي مع كيفية التنفيذ التي لم ندرك كنهها من قبل الحكومة الحالية ..؟ وهل لنا أن ندرك كيف يمكن التعامل مع من هم سخروا أنفسهم لخدمة قضية الإصلاح ..؟ وهل لنا أن ندرك من هم وقفوا مشاهدين من لهم تأثيرهم من هذه الأحداث ..؟ وهل لنا أن نستوعب إشكالية التغييرات وطبيعة المراسيم الصادرة حتى اللحظة بداية من بعد المسيرة الخضراء2 ..؟ ، وهل لنا من تعاطفوا مع مسألة الأمن والأمان الذي كان يتمتع به المواطن العماني في مقابل السكوت على الفساد المستشري وحالات الفقر التي كانت تتفاقم يوما بعد يوما ..؟ بمعنى هل يمكننا أن نتغاضى عن الفساد كضريبة مقابل الأمن والأمان ..؟ وهل استوعبنا ما تمرّ به السلطنة اليوم من تغييرات نحو اصلاحات جذرية ..؟ وهل نلوم المعتصمين في اعتصاماتهم لأن مطالب مهمة وجذرية لم تتحقق لأنها ( من وجهة نظرهم سوف تغير وجه عمان خلال المرحلة القادمة )..؟ وهل يمكننا أن نستوعب حجم التغييرات ، ثم نطالب المعتصمين بفك الاعتصام ..؟




الحالة النفسية التي بنيت على هذا التوجه مبني على المحيط من احداث ثم إشكالية المظاهرات التي خدمت من قبل الدول العربية ، ولكننا لو نركّز على حالة عُمان لن نقارنها بمجموعة الدول العربية التي نهضت ضد إسقاط أنظمتها .. ولكننا سوف نجد :

ان هنالك من يثمّن التغييرات التي قام بها السلطان قابوس ، وايضا هنالك من قال أن هنالك من الإصلاحات والتغييرات يجب أن يكتمل فيجب أن تستمر الاعتصامات حتى تتحقق كل المطالب ، وهنالك من يبجل السلطان بوعي من خلاله تأثره بالمحيط من الدول وبتأثير العاطفة ، وهنالك من يطبل لأجل الوصل بوعي أو بدون وعي .. وهنالك من تم استمالته من المناضلين حتى يتمتم ويخدم في إنهاء الاعتصامات ..؟

للأسف ما حدث في عبري غيّر الكثير من المعطيات ، ووضح أن هنالك ترجمة للشباب كي يتعاطوا مع المظاهرات بطريقة لا واعية .. ولكن هل يمكننا أن نلومهم في تماديهم وتخريبهم ..؟ هنا يجب ان نحلل المواقف ، حسب ما تم مسبقا ..



يجب الاعتراف أن السلطان قابوس استطاع بحكمته أن يمتص كثيرا من الغضب وأن يتعامل بصورة حكيمة لم يتعامل بها كثير من الحكام العرب في مثل هذه الظروف ، ولهذا فقد وجدنا أنه تعامل مع كل الاعتصامات بصورة حضارية ، وهبت من هم يقدرون ذلك أن يتعاملوا مع الواقع برؤية تثمن ذلك .. وفي المقابل لا يمكننا أن نلوم الشباب الطائش ، فإذا أراد الادعاء العام أن يبين لهم أن ذلك لا يخدم قضاياهم بطريقة التخريب وتعطيل المصالح العامة فإنه يجب ألا يتعاطى مع المسألة بطريقة صارمة بحكم أن الشعب لم يتعاطى مع مثل هذه الاعتصامات من قبل ولذلك وجب عليه تلافي السخط الذي سوف يجلبه لنفسه في مرحلة الاحتقان هذه ..



يجب أن ندرك عدة معطيات ..

في اليوم الذي أقيل فيه مالك بن سليمان المفتش العام قام مجموعة من معلمي السياقة في العاصمة مسقط بتوزيع الحلوى العمانية على المعتصمين في ساحة الشعب أمام مجلس الشورى ، كما أنه قام المساجين في السجن المركزي بالاحتفال بإقالة المفتش العام حتى خلق وضعا من الفوضى عند إدارة السجن المركزي ، فكيف يمكننا أن نفسّر ذلك ..؟ هل هنالك رضى على ذلك المفتش ..



اليوم عمان أمام تحدٍ كبير وقد انشق كثير منهم ولم ندرك سابقا كيف يمكنهم اليوم أن يمارسوا ذلك الانشقاق ، وبضغوط من الأمن ومن هم يجهلون عملية الإصلاح فقد خضع الكثير إلى مخدر الركون والهدوء في صومعة الاختباء الذي ينتظر ما ستسفر عنه أحداث الأيام المقبلة ، وهنالك من تخلى عن قيمة ومبادئه مقابل وهم خلقه لنفسه ..

عجيب أن انطق بهذا اليوم ، رغم أنني كنت من أوائل المؤسسين للتحالف العربي لمكافحة الفساد ورغم أنني من بين المدربين الإقليميين في مجال حقوق الإنسان ورغم أنني في التحالف العربي من أجل دارفور ورغم أنني عضو دولي في منظمة العفو الدولية ألا ينبغي عليّ أن اكون متواجد وبشكل قوي في مثل هذه الأحداث ..

إنني ورغم الكثير يجهل عني أنني أدرس الساحة والأوضاع قبل أن اطلق لنفسي العنان ورغم أن الكثيرين من العمانيين لا يعرفون من هو فهد ، لقد عشنا في المرحلة السابقة معاناة لم يلمسها إلا من عاشها ولم يدركها إلا من عايش الفساد وأدرك خطورته ..

دعونا نتوقع ما سيحدث أن نتصور التالي ..



يتم فك الاعتصامات في هذه المرحلة ..

هل نضمن محاسبة الفاسدين ..؟ وهل نضمن الصلاحيات التشريعية أن تخرج كما كنّا نتوقعها وهل نضمن في خضم الأوضاع الحالية تنفيذ وإدراك ما تعانيه عمان من مشاكل ..؟

كل هذا يحتاج منّا إلى تفكير جليّ ندرك من خلاله أننا لن نخضع هذه اللحظة الحاسمة لتكهنات من لا نعرف توجهاتهم وأن نشارك في عمليات الإصلاح بمقترحات تساند وتسهل كل ما يسعى له الشعب ..

عمان اليوم غير الأمس فلا يمكن للعاطفة أن تقف حائط سدّ يوقف تقدم الإصلاحات التي ينشدها الكثيرين ..



هل المثقفون خارج إطار المجتمع ، ألا نعتبرهم جزء من المجتمع ، فلماذا كل هذه الصيحات التي تطالب مجموع المثقفين الذين ينادون بالدستور التعاقدي بكسر مطالبهم ، لماذا لا نناقش الموضوع بكل تجلياته بعيدا عن العاطفة ولماذا لا نقرأ ما يحمله هذا الدستور التعاقدي ..؟ ولماذا لا نفهم آليات تنفيذه ..؟ ليس المطلوب أن نوافقه بل أن ندرك طبيعته هل يتناسب معنا كمجتمع مسلم في أعظميته وقبلي في عاداته وملتزم في قيمه ..

ليس من المواطن أن يقتنع به غصبا وأن يتبناه ولكن يجب عليه أن يفهم ما يقصده هذا الدستور التعاقدي .. ليس لمجرد أنت فلان من الناس كتب أو قال ان هذا الدستور مرفوض فيرفضه العامة ، لأنه إذا كان ذلك هو الحادث فإنه دليل على تبعية نرفضها كلنا كمواطنين عمانيين .. ولا تعتبروني أنني منحاز لهذا الدستور رغم أنني وقعت عليه في فترة صدوره وسحبت توقيعي في فترة أخرى ..

عُمان اليوم بحاجة إلينا ، ونحن بحاجة إليها أكثر من ذي قبل ، ومن طبيعة الدول ان يقوم الأمن بنشر دعايته وفي كثير من الأحيان تنطلي على الكثيرين من فئاته المؤثرة حتى يساندوه من الفئة المثقفة ، وهدف هذا الأمن هو الإبقاء على الأمن مستقرا حتى إن كان الفساد مستشرٍ ، حتى وإن كان الظلم سائد ، المهم الحالة الأمنية لهؤلاء ، ولذلك الصراعات التي تحدث دائما هي صراعات الأحرار والمناهضين للفساد والظلم ، ويجب ألا نغفل إذا كانت الدول الكبرى تسعى إلى أهدافها الاستراتيجية للسيطرة المادية على الدول أو قل للسيطرة على ثروات أو الاستفادة من ثروات الدول وخاصة النفطية ..

وبالمناسبة لو نحلل ما يلي :

أن الاعتصامات الشعبية لأول مرة تحدث في عهد السلطان قابوس بهذا الشكل ولذلك ورغم تمجيد المؤسسات الحكومية لما هو وهمي فإنه سمح بذلك بناءً على القانون الدولي الذي يسمح بذلك .. وكان بمقدوره أن يقمع ذلك ،وهذا الشيء نقدره له كمواطنين ، وهنا ندرك حكمته ، وإدراكه للقوانين الدولية المنظمة لذلك ..



لكننا يا جلالة السلطان لن نسمح لمن يهمّ بقتل كل هذه المنجزات الثورية التي سمحت بها والتي كفلتها القوانين الدولية أن يمحقها ثلة من المدعين ومن المغرضين زولا ندري هل هم جزء من أمن الدولة أم من الوارفة ظلالهم تحت جنة الاموال المبثوثة .. ولكننا سنكون مناضلين ومفعمين بكل مدركات الحرية ..

دعونا نركّز على الفترة الحالية .. هنالك دعوات وتصفيت حسابات سواء من قبل الأمن أم من قبل أشخاص لأشخاص .. وقد ذكرت أسماء أشخاص من امثال نبهان الحنشي والمخيني وبسمة مبارك وطيبة المعولي ، وسالم آل تويه وذلك لصيدهم في ماء عكر ، هؤلاء الأشخاص ناضلوا من أجل قضية مجتمعية لم يكن همهم الشهرة ولا الحصول على اتفاقية مادية ولكنهم كانوا مخلصين لبلدهم وهبوا أنفسهم لبناء هذا البلد كلٌ حسب رؤيته ، فهل نصفعهم من أجل خاطر الأمن وتقلباته ، إذا جاء أمر من صاحب الجلالة باحترامهم وتركهم للتعبير عن رأيهم سوف ينقلب السحر على الساحر ، ، دعونا نفهم بعضنا ولا تزجوا بأشخاص باعوا أنفسهم لخدمة القضية الإنسانية وقضية المواطن العماني ..

ربما ظهوري كان متأخرا وذلك حتى أدرك كيف تدار الساحة من قبل الشعب والحكومة ..



دعونا نبني عمان واتركوا مساحة لمن هم ترفضونهم يا شعب عمان ، ولا تسعوا إلى تدميرهم وبينوا بالمنطق إشكالية من يسعون له ، افتحوا مساحة لمن هم يتمنون أن يعيشوا حسب توجهاتهم ولا تجعلوا مجتمعنا مجتمعا متعنتا فتدخله التفرقة الدينية والسياسية والاجتماعية والثقافية ..

إذا فتحت الأبواب فسوف نجد أننا متعايشون بسلام ، ولا تتبعوا من يرفض هذا ويحبذ ذلك ، اجتمعوا لبناء عمان ، بكل توجهاتكم وتجلياتكم ، وبسبب التفرقة الدينية والعقائدية والثقافية والفكرية في عالمنا العربي هو الذي جعلنا كذلك في فرقة ..

لتكن عمان مثالا يحتذا به .. لا فرق بيننا كعماننين بي إباضية وشيعة وسنية وعلمانيين وملحدين ووضعيين و..... ، وإلا سوف ندخل في المحضور ..







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق